فى ميدان اكتسب صفته، وحق عليه تسميته «التحرير»،

فى ميدان اكتسب صفته، وحق عليه تسميته «التحرير»، تزايد عدد المتظاهرين، وما بدأ كمسيرة نهار أمس تحول قبل الثالثة عصراً إلى وقفة، فلم يعد متاحاً لأحد أن يسير بعد أن امتلأ الميدان عن آخره بالمتظاهرين، رغم تساقط بعضهم فى إغماءات بسبب السن والزحام والشمس.
بهتاف واحد رجّ أرجاء الميدان، هتف المتظاهرون «تعالولنا.. انضمو لنا»، و«الجيش والشعب يد واحدة»، حيث اعتقد المتظاهرون أن ضباط الجيش يبدلون زيهم العسكرى لينضموا إلى المتظاهرين، عندما صعد ضباط وعساكر الجيش على مدرعاتهم ليغيروا زيهم «البيج الفاتح» بآخر لونه داكن، وأعلنت عناصر الجيش المرابطة فى الميدان أن زيهم الجديد هو زى قوات الصاعقة، وأن من يرتدى غير هذا الزى يعتبر من العناصر المدسوسة عليهم.
وخيم الحرص على عدم وجود عناصر مدسوسة بين المتظاهرين على المظاهرة المليونية، وجابت سيارات إسعاف تابعة للجيش أرجاء الميدان تحذر من خلال الميكروفونات من عناصر التخريب، وتردد: «كلنا مصريين بنحب مصر.. الجيش يتعاون من أجل مصر»، ووزعت منشورات تحذر من هذه العناصر، كما منعت المتظاهرين من صعود العمارات فى المنطقة لتأمين سكانها، ومنع تسلل هذه العناصر إلى العمارات الشاهقة.
حمل أحد المتظاهرين يدعى محمد جمعة لافتة فى صمت وجاب بها الميدان بعد أن كتب عليها «الليلة يا سمرا» ورفض أن يشارك المتظاهرين هتافاتهم، حيث خاف أن يعلن هتافه لأنه ينادى ببقاء مبارك، ويبرر: «حققنا ما نريد، وأوضحنا للنظام أننا لسنا لقمة سائغة، وصحيح تشكيل الحكومة صدمنا، لكننا قادرون على الخروج مرة واتنين وتلاتة إذا لم يتم تنفيذ مطالبنا، الآن حان وقت العودة إلى العمل لأن البلد هتضيع، مفيش حد بيشتغل، لازم كلنا نرجع ونسيب (مبارك) لحد ما ولايته تنتهى وبعدها يرحل، لا يرشح نفسه ولا إحنا هننتخبه، لكن وجوده ضرورى حتى نحافظ على ثورتنا، وأى حد هييجى غيره هيحتاج وقت طويل جداً عشان يعرف البلد ويعرف يبنيها، نحن نريد إسقاط النظام وليس إسقاط الدولة».
هنا التفت عدد من المتظاهرين لحوار الشاب، لم يحاول أحدهم أن يفتك به، بل دخلوا معه فى حوار، تطرق إلى شرعية مبارك والـ٣٠ عاماً التى قضاها فى مصر دون تغيير حقيقى، وقالوا: «ثورتنا لن تكتمل إلا برحيله». ومع سخونة الحوار وانضمام الكثيرين إليه، قطعه شاب ملتح بهتاف آخر: «حضورنا للوقفة وليس للحوار».
ومع انتصاف النهار وأذان الظهر، ساد الميدان صمت رهيب، قطعه أصوات المصلين فى أكبر صلاة جماعة شهدتها مصر، ليردد المتظاهرون بعد الصلاة أغنية «قول يا عم.. قول بجد.. هى عيشة ولا موتة ولا فوتة فى حارة سد»، وهو ما تزامن مع ظهور عدد من الفنانين بين المتظاهرين، منهم خالد النبوى، الذى صعد أحد أسوار الميدان، وأخذ يهتف «مش هنمشى.. هو يمشى».
بين المتظاهرين جلس رجب بعدته كاملة، يعرض على المتظاهرين أن يمسح لهم أحذيتهم مقابل «اللى يجيبوه»، ورغم الزحام، وارتداء أغلب المتظاهرين الأحذية الرياضية، استجاب له البعض، وراح يؤدى عمله فى همة ونشاط، بل واستجاب لمطالب بعض المتظاهرين وأعطاهم الورنيش ليكتبوا به لافتاتهم.. رجب الحاصل على دبلوم التجارة هو أحد ضحايا النظام - حسب وصفه - فشهادته التى لا تؤهله لشىء، كما وصفها، وحياته ضمن أسرة مكونة من ٩ أفراد، ألقت به تحت أقدام المتظاهرين، ليمسح لهم أحذيتهم ويردد معهم الهتاف نفسه، فلم يملك شيئاً فى يوم ليبكى عليه الآن.
وبعد أكثر من ٧ أيام قضاها المتظاهرون يرددون الهتافات ويرفعون الشعارات، قرر محمد عثمان أن يرفع شعاراً مختلفاً، حمله مبتسماً: «ارحل بقى إيدى وجعتنى»، وعلى مقربة منه ارتفعت لافتات قال أصحابها فيها: «ارحل بقى تعبت من الوقفة.. ارحل بقى نفسى أروح وأنام».. وقالوا: «لم نر أهالينا، ولم نأكل لقمة عدلة من ساعتها، كمان بطلنا نستحمى، لكننا لن نيأس وسنواصل نضالنا حتى يرحل».

فرار ٣٠٠ عضو بالجماعة
الإسلامية من السجون و«طارق وعبود الزمر» يرفضان الهروب

هرب نحو ٣٠٠ من معتقلى وسجناء الجماعات الإسلامية المنتمين إلى الحركة السلفية والجماعة الإسلامية والجهاد والسلفية الجهادية من سجون وادى النطرون الأول والثانى والفيوم ودمنهور والوادى الجديد وأبوزعبل.
وقالت مصادر أصولية لـ «المصرى اليوم» إن سجن دمنهور شهد فرار نحو ٣٥ من المعتقلين الإسلاميين، فيما رفض عبود الزمر وابن عمه طارق الزمر، أقدم سجينين سياسيين فى مصر، الهروب من السجن ذاته. وقالت أم الهيثم، زوجة الزمر، لـ «المصرى اليوم»، إن عبود وطارق الزمر يرفضان مبدأ الهروب من السجون لأنهما صاحبا عقيدة، ويؤمنان بأن السجن لا يفرق مع كل صاحب عقيدة، موضحة أن عبود وطارق يرفضان الخروج من السجن حتى يخرج آخر معتقل من جميع سجون مصر. وأشارت المصادر الأصولية إلى أن سجن وادى النطرون الأول شهد هروب نحو ٥٠ معتقلاً، ووادى النطرون الثانى شهد هروب نحو ٦٠ معتقلاً، فيما شهد سجن الفيوم هروب نحو ٨٠ معتقلاً. وأشارت إلى أن سجن أبوزعبل شهد هروب الأعداد الباقية من عدد المعتقلين.
من جانبه، قال الدكتور ناجح إبراهيم، مفتى الجماعة الإسلامية، إن معتقلى الجماعة فى السجون رفضوا الهروب من السجون. وأشار إلى أن جميع قيادات الجماعة وأعضائها المحكوم عليهم بالإعدام لم يهرب منهم أحد رغم أنهم كانت أمامهم فرصة، وعلى رأسهم الشيخ مصطفى حمزة، والشيخ رفاعى طه.